أقامت كلية العلوم والمعارف القرآنية لجامعة الأديان والمذاهب ندوة علمیة بالتعاون مع كلية الامام الكاظم (عليه السلام) للعلوم الاسلامية الجامعة بالعراق تأریخ ۶ ربيع الأول ۱۴۴۳.
عنوان الندوة:
المستشرقون وتاريخية آيات الأحكام في القرآن
مستخلص الندوة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
تاريخية القرآن أو تاريخانيَّة النص القرآني أي ارتباطه بفترة تاريخ نزوله، وأنَّه لا علاقة للأجيال التي جاءت بعد تلك الفترة، بالقرآن الكريم، شبهة قديمة حديثة أثارها ويثيرها بين الحينة والأخرى الذين يجهلون واقع القرآن ومكانته السامية، وهذه المقولة أو الشبهة هي التي نحن بصدد مناقشتها من خلال هذه الندوة.
في البداية لابد من تقديم عدة نقاط تمهيداً للبحث :
النقطة الأولى: تبيين مفردات عنوان الندوة وهي مفردات ثلاثة أساسية
المفردة الأولى: المستشرقون. المفردة الثانية: تاريخية القرآن. المفردة الثالثة: آيات الأحكام.
المفردة الأولى: المستشرقون
أما المستشرقون: فهم جمع مستشرق وهو من باب الإستفعال، وكما هو معلوم فإن معنى هذا الباب هو الطلب والقصد والإبتغاء، فيكون المستشرق هوالذي يطلب الشرق ويقصده
وفي الإصطلاح: هم مجموعة من علماء وباحثين غير مسلمين وفي الأعم الأغلب هم باحثون غربيون قاموا بدراسة ثقافة ومصادر وفكروتراث شرق الأرض، وركزوا دراستهم بالتأكيد على دراسة الإسلام وبالتحديد مصدريه الأساسين القرآن الكريم والسنة المطهرة.
استخدم المستشرقون الأوائل على وجه العموم خطةً عملية في تناولهم للإسلام تهدف إلى تشويه صورته والتشكيك في مصداقيته، فاستهدفوا أولاً القرآن الكريم باعتباره قاعدة الإسلام الكبرى الذي اجتمع عليه المسلمون وأحبوه ودانوا الله بحبه، وعكفوا على تلاوته وحفظه وتدبره، في العلوم الإنسانية.
اتجه المستشرقون أولاً إلى ترجمة القرآن الكريم بهدف تحريف كلمه، وتصحيف معانيه بحيث تخدم أغراضهم في الحط من الإسلام، ولهذا استخدموا هذه الترجمات بطرق مغرضة للوصول إلى أهداف محددة، وملتوية بعيدة عن النص في لغته وفحواه.
وقد قادتهم أو ساعدتهم هذه الخطة المسبقة إلى تقرير نتائج غير صحيحة علمياً، وأحياناً كثيرة، غير مقبولة عقلياً؛ وليس لها أدنى ارتباط بمقدماتها، فزعموا على سبيل المثال أن القرآن كتاب بشرى، ألَّفه النبي صلى الله عليه وسلم. لذلك جاءت ترجماتهم الأولى للقرآن تحمل هذا العنوان (قرآن محمد)؛ وفي سبيل تحقيق هذا الغرض وإبرازه، راحوا يتنكبون كل طريق على غير هُدى، ليثبتوا أن محمداً قد استعار من الكتب اليهودية والنصرانية عند كتابة القرآن؛ وقاسوا القرآن خطأً على كتب العهد القديم والعهد الجديد، والتي جُمِعت من هنا وهناك، في أحقاب زمنية جد متباعدة، كما أكده النقاد الغربيون أنفسهم بالنسبة للكتاب المقدس.
كما أنهم افتروا على الإسلام كذلك:
بالطعن بشخصية النبي صلى الله عليه وآله والتشكيك بقدسيته، وكذلك الطعن بصحة أحاديث السنة المطهرة وذلك بعد نيتهم المبيتة وخطتهم لعداء الإسلام مسبقاً:
اعتمادهم على الكثير من مادة أدب السيرة والمغازي غير الصحيحة.
اعتمادهم على الأحاديث الضعيفة، والحكايات التاريخية الملفقة، والروايات المتعارضة في ظاهرها دون بذل أي جهد للتوفيق بينها في إطار الروايات الصحيحة والمسلمات الإسلامية، ونحو ذلك.
ويُلحق بهؤلاء الحَداثيون حتى من الذين في صورة هويتهم الظاهرية يُحسبون على المسلمين، كأمثال: أركون وشحرور وأبو زيد والطيب تزيني، فجميع المدارس الحداثيَّة في موقفها من النص القرآني خلطت خلطًا شديدًا، وأخطأت في التفريق بين لسان القرآن واللسان العربي، العام وتوهمت وضعيَّة النص القرآني والتأليف البشري له، فهؤلاء لم يميزوا بين النص القرآني وسائر النصوص العربية.
المفردة الثانية: تاريخية أو تاريخانية القرآن الكريم
بمعنى: تاريخانيَّة النص القرآني أي ارتباطه بفترة تاريخ نزوله، وأنَّه لا علاقة للأجيال التي جاءت بعد تلك الفترة بالقرآن الكريم.
زعموا أن "الإسلام ابن وقته"، يعني أن محمداً صلوات الله عليه وسلامه، لم يُبْعث إلا لعرب زمانه، وليس لكل العرب في كل زمان ومكان، وفحوى هذا الكلام أن الإسلام غير قابل للتطبيق بعد وفاة محمد صلى الله عليه وسلم؛ وأن دين الإسلام إنما أسسه محمد صلى الله عليه وسلم لمواجهة مشكلات وأمور محلية خاصة، خضعت لظروف معينة، انتهت بوفاته صلى الله عليه وسلم. والبديل عن الإسلام في غاية ما ينتهي إليه كلامهم هو ضرورة تخلي المسلمين عن الإسلام، وطرح الانتماء إليه وتبني النموذج الغربي، في الديانة والحضارة.
لم يعبأ المستشرقون بالآيات الكثيرة والمتنوعة ولا بالأحاديث الكثيرة والواضحة كذلك في تقرير عالمية الإسلام وشمول دعوته لكل أفراد النوع ومناحي الحياة لكل العقول ولكل البيئات.
فهم يعتبرون أن القرآن غير صالح لكل زمان، وأنه وقتي، أى أنه جاء لوقت قد مضى، ولا يتلاءم مع العصر الحالى، وأنه يجب أن تتغير تفسيراته بما يناسب هذا الوقت. وعلى سبيل المثال:إرث المرأة (للذكر مثل حظ الأنثيين) يقولون: إن هذه الآية قد جاءت لزمن معين ويجب أن تتغير، بحيث يتساوى الرجل والمرأة فى الإرث. وكذلك الأمر بالنسبة لشهادة المرأة حيث يطالبون بمساواة الرجل بالمرأة من حيث الشهادة..و هكذا ...
المفردة الثالثة: آيات الأحكام
هي: كلّ آية أمكن للمجتهد (الأصولي والفقيه) أن يستعين بها أو كان يترقّب أن يستعين بها في التوصّل إلى حكمٍ شرعي إلهي أو إلى مقدّمةٍ لحكم شرعي أو نقطةٍ تتصل بفهم أو إثبات حكم شرعي إلهي، سواء كان ذلك كلّه بطريق مباشر أم غير مباشر.
والمعروف والمتداول أنّ عدد آيات الأحكام هو في حدود الخمسمائة آية قرآنيّة، ولشهرة هذا الرقم سُمّيت بعض كتب آيات الأحكام باسمه،
ورغم شهرة هذا القول، إلا أنّه ليس المراد منه رقم الخمسمائة بالدقّة، بل هو تقريب، أي قريب من الخمسمائة، كما صرّح بذلك غير واحدٍ من العلماء مثل الفاضل التوني، والإصفهاني صاحب الفصول.
وقد تدخّلت عمليّات حساب المكرّر وغير المكرّر، والعنوان والمعنون، في تقديم أرقام أخرى أيضاً:
منها: أنها في حدود الثلاثمائة آية.
ومنها: أنها بالعنوان ۳۴۸ آية، وبالمعنون .
ومنها: أنّها ۱۵۰ آية فقط.
ومنها: أنّها ۹۰۰ آية قرآنيّة.
وقد ذكر بعض الباحثين أنّه أحصى آيات الأحكام في كتاب أحكام القرآن لابن العربي المالكي فبلغت ما يقرب من هذا العدد أيضاً.
آية قرآنيّة، بل نُقل عن درس الشيخ محمد هادي معرفت أنّه كان يرى أنّ تمام آيات القرآن الكريم هي آيات أحكامٍ بنحوٍ من الأنحاء.
الشبهة
هذه الشبهة هي إحدى ارهاصات الفكر الهرمونيطيقي والقائل أنَّه لابد من قراءة ذهن المؤلف، ومعرفة لحظة الخطاب ومكانه، وما كان يدور في ذهن مؤلفه، وثقافة الذين خوطبوا به، وما إلى ذلك، مما هو مذكور في تلك المعارف التي أوجدت لدراسة نصوص الإنجيل والتوراة أو ما يسمونه بالعهدين القديم والجديد المقدسين!
فهم أسقطوا ما تعلموه من الهرمونيطقيا على هذا الكتاب الكريم، وتوهموا ما توهموه؛ لأنَّهم لم يستطيعوا أن يؤمنوا بإلهيَّة الكتاب، وأنَّه نازل من الله تعالى وتحديه وإعجازه، وعجز البشر ومنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتوا بمثله، فقالوا بفكرة التاريخانيَّة التي جعلت النصارى يؤمنون بالأناجيل الأربع بعد صدور القرارات الكنسيَّة المختلفة، لإلغاء العمل بالأناجيل الأخرى، فأخذوا من تلامذة السيد المسيح متى ولوقا ويوحنا ومرقس كما أخذ اليهود بالتوراة التي ألفها عزرا أثناء السبي البابلي لليهود، من أفواه الرواة الذين سجل عزرا ما كان يحفظونه كما هو وأضاف عليه، وصار يقدم على أنَّه التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام.
كل همهم الآن أن يجعلوا القرآن نسبيًّا لا مطلقًا، وأنَّه من تأليف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وليس كلام الله النازل على قلبه، فهي اتجاهات كنسيَّة وتلموديَّة، أسقطت على القرآن الكريم من قبل هؤلاء المترجمين.
نقد الشبهة
في عدة نقاط:
الأولى:
إن القرآن الكريم بكل خطاباته ومنها آيات الأحكام خاطب العقل البشري والفطرة الإنساينة، فأحكامه تلبية لحاجة البشرية التي هي ثايتة ولا يؤثر فيها تغيير الزمان والمكان. نعم أخذ القرآن الكريم عيّنات ونماذج كانت موجودة وقت نزوله ليجعل منها انطلاقة لتقديم حلوله من خلال أحكامه. فمثلا أحكام الإرث و شهادة الرجل والمرأة وسائر أحكام الأحوال الشخصية وغيرها هي حاجة دائمية من أجل حماية نظام الأسرة وحقوق كل من الرجل والمرأة وصيانة المجتمع البشري.
الثانية:
اعجاز القرآن المتمثل بطراوته وحيويته وواقعه يشهد بأنه لكل زمان ولكل الناس مهما تقدم بهم الزمن، فهو يجري كما يجري الليل والنهار وكما تجري الشمس والقمر على في الأحاديث المروية عن النبي وعترته الطاهرة عليهم السلام.
الثالثة:
إنَّ القرآن هو كتاب الشريعة الخاتمة، والرسالة التى ختمت بها النبوات والرسالات، فلو طبقنا عليه قاعدة تاريخية النصوص الدينية لحدث " فراغ " فى المرجعية الدينية، إذ لا رسالة بعد رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا وحى بعد القرآن.. وإذا حدث هذا " الفراغ " فى المرجعية والحجة الإلهية على الناس، زالت حجة الله على العباد فى الحساب والجزاء، إذ سيقولون: يا ربنا، لقد أنزلت علينا كتابًا نسخه التطور، فماذا كان علينا أن نطبق، بعد أن تجاوز الواقع المتطور آيات وأحكام الكتاب الذى أنزلته لهدايتنا؟!.
الرابعة:
أن التاريخية والتاريخانية ـ أى وقتية الأحكام ـ لا يقول بها أحد فى أحكام العبادات.. وإنما يقول بها أصحابها فى آيات وأحكام المعاملات. وهم يخطئون إذا ظنوا أن هناك حاجة إليها فى أحكام المعاملات التى جاء بها القرآن الكريم ذلك أن القرآن الكريم ـ فى المعاملات ـ قد وقف عند " فلسفة " و " كليات " و " قواعد " و " نظريات " التشريع، أكثر مما فصّل فى تشريع المعاملات.. فهو قد فصل فى الأمور الثوابت، التى لا تتغير بتغير الزمان والمكان، مثل منظومة القيم والأخلاق، والقواعد الشرعية التى تستنبط منها الأحكام التفصيلية، والحدود المتعلقة بالحفاظ على المقاصد الكلية للشريعة.. ونزل تفصيل أحكام المعاملات لعلم الفقه، الذى هو اجتهاد محكوم بثوابت الشريعة الإلهية، ذلك حتى يظل هذا الفقه ـ فقه المعاملات ـ متطورًا دائمًا وأبدًا، عبر الزمان والمكان، ليواكب تغير الواقع ومستجدات الأحداث، فى إطار كليات الشريعة وقواعدها ومبادئها، التى تحفظ على أحكامه المتطورة إسلاميتها، دائمًا وأبدًا..
وهذه " الصيغة الإسلامية " الفريدة التى جاءت بالنص الإلهى الثابت ـ أى الشريعة التى هى وضع إلهى ثابت ـ تحفظ إسلامية وإلهية المرجعية والمصدر دائمًا وأبداً.. بينما وكلت أمر المتغيرات إلى الفقه المتجدد والمتطور ـ والفقه هو علم الفروع ـ هذه " الصيغة الإسلامية " هى التى وازنت بين ثبات النص وتطور التفسير البشرى للنص الإلهى الثابت.. وجمعت بين ثبات " الوضع الإلهى " وتطور " الاجتهاد الفقهى " أى جمعت بين ثبات المرجعية والنص، وبين تطور الاجتهاد الفقهى المواكب لمتغيرات الواقع عبر الزمان والمكان.
الخامسة:
تتعلق بالأمثلة التى سيقت وتساق من قبل دعاة تاريخية وتاريخانية النصوص الدينية، للتدليل على ضرورة تطبيق هذه التاريخانية ـ فى زعمهم ـ على أحكام القرآن الكريم فى المعاملات..
ونحن عندما ننظر فى هذه الأمثلة ـ وهى هنا ـ: " ميراث المرأة وشهادتها " نزداد يقينًا بخطأ دعوى تطبيق هذه التاريخانية على القرآن الكريم، وعلى الأحكام التشريعية الواردة فيه.. فليس صحيحًا أن توريث المرأة فى الإسلام قد جانب الإنصاف لها، حتى يكون حكمه صالحًا للزمان الماضى دون الزمان المعاصر والمستقبل.. فالأنثى ـ فى الإسلام ـ لا ترث نصف الذكر دائمًا وأبدًا.. والقرآن لم يقل يوصيكم الله فى الوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإنما جعل ذلك فى حالة بعينها هى حالة " الأولاد "، وليس فى مطلق وكل الوارثين: (يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين). أما عندما كان التقعيد عامًا للميراث فإن القرآن قد استخدم لفظًا عامًا هو لفظ " النصيب " لكل الذكور والإناث على حد سواء: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قلَّ منه أو كثر نصيبًا مفروضًا).
ومعايير التفاوت فى أنصبة الميراث لا علاقة لها بالجنس ـ ذكورة أو أنوثة ـ على الإطلاق ـ على غير ما يحسب ويظن الكثيرون ـ إن لم يكن الأكثرون! وإنما معايير هذا التفاوت ثلاثة:
۱ ـ درجة القرابة. فكلما كان الوارث أقرب إلى المورّث زاد نصيبه فى الميراث.
۲ ـ وموقع الجيل الوارث فى تسلسل الأجيال وتلك حكمة إلهية بالغة فى فلسفة الإسلام للميراث ـ وكلما كان الوارث صغيرًا من جيل يستقبل الحياة وأعباءها، وأمامه المسئوليات المتنامية، كان نصيبه من الميراث أكبر. فابن المتوفى يرث أكثر من أب المتوفى ـ وكلاهما ذكر ـ وبنت المتوفى ترث أكثر من أمه ـ وكلتاهما أنثى. بل إن بنت المتوفى ترث أكثر من أبيه.
۳ ـ والعامل الثالث فى تفاوت أنصبة الميراث هو العبء المالى الذى يتحمله ويكلف به الوارث طبقًا للشريعة الإسلامية.. فإذا اتفقت وتساوت درجة القرابة.. وموقع الجيل الوارث ـ مثل مركز الأولاد ـ أولاد المورث ـ مع تفاوت العبء المالى بين الولد الذكر ـ المكلف بإعالة زوجة وأسرة وأولاد ـ وبين البنت ـ التى سيعولها هى وأولادها زوج ذكر ـ هنا يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.. وهو تقسيم ليس فيه أية شبهة لظلم الأنثى.. بل ربما كان فيه تمييز وامتياز لها، احتياطًا لاستضعافها.
وهذه الحقائق فى المواريث الإسلامية ـ التى يجهلها ويتجاهلها دعاة تاريخية آيات الميراث ـ هى التى جعلت المرأة ـ فى الجداول الإجمالية لحالات الميراث الإسلامى ـ ترث مثل الرجل، أو أكثر من الرجل، أو ترث ولا يرث الرجل فى أكثر من ثلاثين حالة من حالات الميراث الإسلامى، بينما هى ترث نصف ما يرث الذكر فى أربع حالات فقط.
وكذلك الحال مع " شهادة المرأة " ففى الأمور والميادين التى تقل فيها خبرة المرأة عن الرجل، تكون شهادتها أقل من شهادته.. وحتى لا تهدر شهادتها كلية فى هذه الميادين، سمح القرآن بشهادتها، على أن تُدعم بشهادة واحدة من بنات جنسها، تذكرها بما تنساه من وقائع الشهادة. أما الميادين التى تختص بالمرأة، والتى تكون خبرتها فيها أكثر، فإن شهادتها فيها تكون أعلى، وأحيانًا ضعف شهادة الرجل. بل إن شهادتها تعتمد حيث لا تعتمد شهادة الرجل فى بعض هذه الميادين.
والذين يظنون أن آية سورة البقرة: (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذى عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئًا فإن كان الذى عليه الحق سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شىء عليم * وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدِّ الذى اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم)
الذين يظنون أن هذه الآية ـ۲۸۲ـ تجعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل بإطلاق، وفى كل الحالات مخطئون وواهمون.. فهذه الآية تتحدث عن دَين خاص.. فى وقت خاص، يحتاج إلى كاتب خاص، وإملاء خاص، وإشهاد خاص.
وهذه الآية ـ فى نصها ـ استثناء: (... إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها) ثم إنها تستثنى من هذه الحالة الخاصة الإشهاد على البيوع، فلا تقيدها بما قيدت به حالة هذا الدين الخاص. ثم إنها تتحدث، مخاطبة، لصاحب الدين، الذى يريد أن يستوثق لدينه الخاص هذا بأعلى درجات الاستيثاق. ولا تخاطب الحاكم ـ القاضى ـ الذى له أن يحكم بالبينة واليمين، بصرف النظر عن جنس الشاهد وعدد الشهود الذين تقوم بهم البينة.. فللحاكم ـ القاضى ـ أن يحكم بشهادة رجلين.. أو امرأتين.. أو رجل وامرأة.. أو رجل واحد. أو امرأة واحدة.. طالما قامت البينة بهذه الشهادة.
« تحميل صوت الندوة بصيغة mp3 »
|
الكلّيات كلية الأديان |
خدمات تكنولوجيا المعلومات الموقع العام للتعليم |
رسالة الجامعة جامعة الأديان والمذاهب، أول جامعة تخصصية من نوعها في إيران، انبثت من الحوزة العلمية، لتعمل على تنشئة وتربية كوادر علمية متخصصة في مجال الأديان والمذاهب. هادفة لمعرفة مختلف الأديان والمذاهب، والارتقاء بحركة التعارف و التواصل؛ وتعميم لغة الحوار القائم على أساس المشتركات بين أتباعها. كما تأمل الجامعة أن تساهم في خلق حالة من التعاون والتفاعل الإنساني، وإشاعة روح السلام، والتخفيف من آلام البشر، ونشر الأخلاق والمبادئ المعنوية، والتعريف العلمي بالإسلام وفق رؤية وتعاليم مدرسة أهل البيت عليهم السلام. |